تصاعد المخاوف من توظيف "طالبان" للأطفال في أنشطة دعائية ذات طابع عسكري

تصاعد المخاوف من توظيف "طالبان" للأطفال في أنشطة دعائية ذات طابع عسكري
أطفال في أفغانستان - أرشيف

أثار مقطع فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي لطفل يقود دراجة نارية صغيرة ويحمل برميلاً أصفر يُستخدم رمزاً للهجمات الانتحارية لدى حركة "طالبان"، موجة واسعة من الانتقادات والمخاوف بشأن تنامي ثقافة العنف وسط الأطفال والمراهقين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة. 

ويعد هذا المشهد، وفق مراقبين، جزءاً من سلسلة طويلة من اللقطات التي تُظهر مشاركة الأطفال في فعاليات ذات طابع عسكري ورمزي تُنظمها الحركة منذ عودتها إلى السلطة في أفغانستان، بحسب ما ذكرت "إندبندنت فارسية"، اليوم الاثنين.

وتشير تسجيلات وصور متداولة على منصات التواصل الاجتماعي إلى وجود نمط متزايد لاستخدام الأطفال في أنشطة دعائية، حيث يظهرون مرتدين ملابس عسكرية ويحملون نماذج من أسلحة أو مواد متفجرة. 

وترتبط هذه الممارسات، وفق تقارير محلية، بتشجيع مباشر من قادة "طالبان" على إشراك الأطفال في المسيرات والمراسم الرسمية لإظهار “الولاء والاستمرارية” بين الأجيال.

كما يظهر في بعض الحالات دور للأسر التي تتأثر بالدعاية الأيديولوجية للحركة، إذ يقوم بعض الآباء بدفع أبنائهم لارتداء زي شبيه بزي عناصر "طالبان" والمشاركة في فعالياتها، اعتقاداً منهم بأن ذلك قد يفتح أمامهم فرصاً أو يعزز مكانتهم الاجتماعية لدى الحركة. وفي مثل هذه الحالات، يصبح الطفل، بلا قدرة على الاختيار، جزءاً من منظومة دعائية كبرى.

ترسيخ ثقافة العنف

وفي صور أخرى أعيد نشرها على نطاق واسع، ظهر أطفال صغار فوق مركبات تحمل معدات تماثل التجهيزات الحربية، في مشهد اعتبره متخصصون انعكاساً لبيئة تُقحم الأطفال في رموز الحرب والعسكرة منذ سنواتهم الأولى. 

ويرى خبراء في علم النفس التربوي أن هذا النوع من التعرض المبكر للعنف الرمزي يرسخ لدى الطفل مفاهيم “مشوّهة” عن القوة والبطولة ويجعله أكثر تقبلاً لفكرة العنف بوصفه وسيلة مشروعة.

وتظهر تجارب دول شهدت حروباً طويلة أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئات عسكرية يواجهون لاحقاً مشكلات سلوكية مثل العدوانية والقلق، وقد يتبنون نظرة إيجابية لاستخدام القوة، نظراً لتطبيعها في حياتهم اليومية. 

وفي بلد مثل أفغانستان، التي تعاني من إرث ممتد من الصراعات، تزيد هذه الظاهرة من احتمالات دخول جيل جديد في دائرة مستمرة من العنف.

التعليم المتأثر بالأيديولوجيا

ومنذ سيطرة "طالبان" على الحكم، شهد النظام التعليمي تغييرات واسعة أدت إلى تقليص التركيز على العلوم الحديثة وتوسيع التعليم الديني وفق رؤية الحركة، إضافة إلى تقييد محتوى المواد الدراسية وتقليل الأنشطة التي تعزز التفكير النقدي والتعلم المدني. 

ويفضي هذا التوجه، وفق مراقبين، إلى بيئة تعليمية تفتقر إلى التنوع، وتُقرب الأطفال أكثر من سرديات الحركة وأدبياتها، بعيداً عن مفاهيم السلام والعلوم والتقدم.

ويرى محللون أن استخدام "طالبان" للأطفال في العروض العسكرية ليس مجرد ممارسة رمزية، بل يدخل ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز شرعية الحركة وإضفاء طابع “استمراري” على مشروعها السياسي والأيديولوجي. 

وتأتي هذه السياسات في وقت تسعى فيه الحركة إلى ترسيخ حكمها داخلياً، وإظهار قدرتها على تشكيل جيل يكون امتداداً لفكرها وأدواتها.

ويحذر مختصون في قضايا حقوق الطفل من أن الزج بالأطفال في هذه الأدوار قد يخلف انعكاسات بعيدة المدى تتصل بالسلامة النفسية والاجتماعية والأمنية للمجتمع الأفغاني كله، إذ تشير دراسات سابقة إلى أن الأطفال الذين يُعرّضون لمحتوى عسكري مكثف قد يكونون أكثر عرضة للانخراط في ممارسات عنيفة مستقبلاً.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية